إن التدهور في زراعة البن لا يرافق هذا المحصول النقدي فقط ، وكذلك أيضا يرافق معظم المحاصيل الزراعية في الجمهورية اليمنية . باستثناء محصول واحد وهو القات .
ويعزى تدهور هذه المحاصيل الزراعية ومحصول البن بشكل خاص إلى العديد من العوامل المباشرة منها والغير مباشرة . وفيما يلي سنحاول أن نستعرض بعض منها حسب ما يري بعض المهتمين في مجال زراعة البن . والتي يمكن من خلالها معرفة هذه المشاكل والمعوقات وترتيبها حسب أهميتها وتأثيرها , فدراسة هذه المعوقات تسهل وبشكل كبير على المهتمين والمزارعين لمحصول البن لإيجاد حلول مناسبة يمكن عبرها الوصول إلى غاية رفع و تحسين إنتاجية محصول البن اليمني . وجدت الكثير من الدراسات التي تتحدث عن معوقات زراعة البن في اليمن , والتي تشابهت وتطابقت في كثير منها . فيذكر المتوكل (الندوة الوطنية- 1993) أن تدهور زراعة البن ترجع إلى تأثيرات اقتصادية واجتماعية .
ويجد عبد الحافظ (ورقة عمل – 2003) أن تدهور إنتاج البن اليمني يعود لأسباب تتلخص في النقاط التالية :
١) الأسعار العالمية : حيث أدت زيادة إنتاج البن في دول أخري إلى شدة المنافسة في الأسواق العالمية وضعف قدرة المنتج اليمني على مجاراة المنتجين الجدد ، وبالتالي خروجه من المنافسة .
٢) زراعة القات : وذلك نظرا لقدرة القات على النمو في مدى واسع وكذلك للعائد المادي الكبير الذي يفوق العائد لكثير من المحاصيل وليس البن فقط .
٣) الهجرة الداخلية والخارجية للقوى العاملة : منذ بداية السبعينيات شهدت اليمن نزوح عدد كبير من الأيادي العاملة ، سواء للمدن اليمنية أو للخارج . وقد تأثر القطاع الزراعي بمجمله بهذه الهجرة ، وكان للبن النصيب الأكبر من هذه الآثار .
٤) المؤسسات والتشريعات : ساهم ضعف المؤسسات الرسمية ونقص التشريعات المنظمة للنشاط الاقتصادي في الزراعة في تدهور أوضاع البن اليمني .وضعف عمليات الإرشاد الزراعي.
٥) ضعف إنتاجية اًلأصناف المحلية : والتي تعتبر منخفضة مقارنة بالأصناف العالمية ، كما الاحتفاظ بالأساليب الزراعية القديمة المتوارثة له دور كبير في خفض معدل الإنتاجية .
٦) المياه : تطور المساحات الزراعية سواء المزروعة بمحاصيل زراعية أو القات أدى إلى استنفاذ المياه الجوفية وقلة الأمطار . دفعت المزارعين بالبحث عن محاصيل تتحمل الجفاف وزراعتها بدلا عن محصول البن البعيد كل البعد عن صفة تحمل الجفاف .
نجد أن التشابه بين وجهات النظر تسهل على المهتم بزراعة البن عملية تحديد المعوقات ودراستها وإيجاد الحلول المناسبة لها .وأن اختلفت من حيث ترتيب أهميتها أو بحسب نتائجها المترتبة . كما نجد أن بعضها قد درست بشكل عام عند بعض الباحثين ، في حين أن البعض استطرد في ذكر معوقات إنتاج البن اليمني بتفصيل أكثر .
ومن وجهة نظر د. سلوى يمكننا القول أن العوامل التي تعوق عملية رفع وتحسين إنتاجية البن عديدة ومتداخلة مع بعضها البعض . ولكن يمكن ترتيبها حسب أهميتها والنتائج المترتبة عنها .
وتجد د.سلوى أن العوامل البيئية تأتي في مقدمة هذه المعوقات . فمعظم مناطق زراعة البن تقع في المرتفعات الشاهقة والمنحدرات الشديدة والوديان السحيقة ، والتي تمثل عائقا” ليس فقط أمام عملية زراعة البن ، بل أن معظم الخدمات مثل الطرق والكهرباء والهاتف لم تصل إلى هذه المناطق بسبب وعورتها على الرغم من الجهود الحثيثة للدولة لتوفير الاحتياجات الضرورية لأبناء هذه المناطق ، فكيف بعمليات الإرشاد الزراعي ،أو إيصال المدخلات الحديثة أو الآليات التي تساهم في رفع وتحسين إنتاج البن . كما أنها تصعب عملية التسويق ، وتأثر أيضا بجودة المحصول نتيجة تعرضه لظروف نقل غير صحيحة ومتلفة لمعظم المحصول . وهذه جميعها تزيد من تكاليف إنتاج البن والتي ترهق كاهل المزارعين .
وزيادة تكاليف الإنتاج تدفع مزارعي البن إلى البحث عن البديل ، و لا يجدون أمامهم الا القات ما يحمله من مميزات سبق ذكرها . فالتوسع في زراعة القات تعتبر نتيجة وليست سبب لتدهور إنتاجية البن اليمني بل و لمحاصيل الزراعية الأخرى .
وتأتى ندرة المياه في المرتبة الثانية ، فتوفر المياه بشكل منتظم سواءا” بالأمطار أو بالري ، من أهم العوامل التي تؤثر على كمية وجودة محصول البن . وتوفر المياه بالشكل المناسب يعد مشكلة مهمة في جميع مناحي الحياة .ووضع الحلول لها لا يتم بشكل فردي ، ولكن يجب أن تتضافر الجهود وبشكل سريع وفعال على مستوي الدولة والمنطقة .
و تجد د.سلوى أن تفتت الحيازات الزراعية من أهم العوامل الاجتماعية التي تدفع بإنتاجية البن إلى التدهور . بما ينتج عنه زيادة تكاليف الإنتاج و تناقص الإجمالي العام للمحصول وصعوبة توفير بعض المدخلات الحديثة . ويلي العوامل الاجتماعية مباشرة العوامل الاقتصادية ممثله بالأسعار العالمية والعولمة والاتجاهات العالمية للتكتلات الاقتصادية الكبيرة ، والتي نتائجها لا تلمس فقط محصول البن فحسب بل تمس كل ما يمكن تخيلها من مناحي الحياة .
:التوصيات والاقتراحات
بعد استعراض جملة المعوقات التي أدت و لا تزال تؤدي إلى تدهور إنتاج أهم محصول اقتصادي اشتهرت به اليمن لعده عهود . فهناك عدة حلول ومقترحات يمكن من خلالها التقليل من تدهور إنتاج البن اليمني ، وليس المنع على الأقل في الوقت الحالي .
ومن الحلول التي تقترحها الباحثة لذلك :
١)إجراء مسح إحصائي ، يشمل جميع مناطق زراعة البن متضمنا امسح الجغرافي وسكاني . لتحديد الأولويات التي تحتاجها كل منطقة لتحسين الظروف المعيشية لمزارعي البن
٢) إقامة السدود والحواجز ، للحد من مشكلة استنزاف المياه الجوفية وقلة الأمطار
٣) مراكز بحثية وإرشادية ، تعنى بتحسين إنتاجية محصول البن ونشر التقنيات المناسبة بين مزارعي البن ، في عموم محافظات الجمهورية .
٤) الاهتمام بالإنسان اليمني . وتوفير الظروف المناسبة لمعيشته و إنتاجه في أي مجال من مجالات الحياة ، والتي سوف تنعكس مباشرة على تحسين وتطوير البلاد وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وهنا تكمن مشكلة تطبيق وتنفيذ أي حل أو مقترح . إذ أن حلول المعوقات السابقة الذكر لا يمكن تنفيذها بشكل فردي . حيث لا يمكن للأفراد تحقيقها بمفردهم ، أو المراكز البحثية ، أو الشركات أو المنظمات ، أو حتى الدولة نفسها . ولكن يجب أن تتضافر جهود الأفراد والمراكز البحثية والشركات والمنظمات والدولة جميعا لتحقيق هدف واحد . وهو رفع وتحسين إنتاجية البن في الجمهورية اليمنية .